التزامات الطبيب
الالتزام الاول
إعلام المريض أو الالتزام بتبصرة المريض
بقلم الدكتور وليد سعيد عبدالخالق المحامي
من مؤلفنا المسئولية الجنائية عن الممارسات الطبية
..................................
لا يكفي أن يقوم الطبيب بتلبية دعوة المريض وتقديم الخدمة الطبية له, بل لابد أيضا من إعلامه بماهية العمل الطبي المزمع القيام به وتبصرة المريض بالمخاطر المحدقة من خلف هذا التدخل الطبي .
ويراد بالإعلام قيام المهني بتزويد عميله بالمعلومات التي تقتضي مصلحته تزويده بها وان تكون هذه المعلومات صحيحة والغاية التي لأجلها فرض هذا الالتزام علي المهني أن تكون موافقه العميل علي العقد مستنيرة , أي موافقه مدركة لمزايا العقد وعيوبه .
وقد تناول المشرع هذا الالتزام في لائحة آداب مزاولة مهنة الطب البشري لسنه 2003 حيث نصت المادة 28 منها علي انه " لا يجوز للطبيب إجراء الفحص الطبي للمريض أو علاجه دون موافقه مبنية علي المعرفة من المريض أو من ينوب عنه قانونا إذا لم يكن المريض أهلا لذلك .."
كما نصت المادة 50 منها علي انه " علي الطبي قبل إجراء عمليات نقل أعضاء وفقا للتشريعات المنظمة لذلك أن يبصر المتبرع بالعواقب الطبية .."
وفي مجال البحث الطبي نصت المادة 55 علي انه " يلتزم الباحث بتعريف المتطوعين تعريفا كاملا وبطريقة واضحة بأهداف البحث والطرق البحثية .."
وأضافت المادة 56 منه علي انه " يلتزم الطبيب الباحث بالحصول علي موفقة كتابية مبنية علي المعرفة من المتطوع علي إجراء البحث علية "
أما المشرع لفرنسي فقد حرص علي تقرير هذا الالتزام , فما تضمنته المادة 35 من قانون أخلاقيات الطب الصادر في سبتمبر 1995 وبما عاود تأكيده بمقتضي القانون الصادر في 4 مارس 2002 حيث نص صراحه علي التزام الطبيب بإعلام المريض في صورة واضحة صادقه وان يوضح فيها طرق العلاج التي يتبعها بشأنه بغرض تطوير حقوق المريض وطبيعة الخدمات المقدمة اليهم حتي يتمكن المريض من اتخاذ القرار المناسب من خلال رضا متبصر .
وتأكيد لهذا الالتزام قضت محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 7/10/1998 علي انه: فيما عدا حالة الاستعجال أو الاستحالة أو رفض المريض للإعلام, فان الطبيب يكون ملزما بان يقدم له معلومات أمينة واضحة وملائمة عن المخاطر الجسيمة الملازمة للفحوصات والعلاج المقترح ولا يعفي الطبيب من هذا الالتزام لمجرد كون هذه المخاطر لا تتحقق إلا بشكل استثنائي.
وكذلك قضاء مجلس الدولة الفرنسي الصادر بتاريخ 5 يناير 2000 والذي قرر فيه: أن تحقق المخاطر بصفه استثنائية لا يعفي الأطباء من التزامهم , وعلي ذلك تكون محكمة استئناف باريس الإدارية لم ترتكب خطأ بقضائها بان خطر الإصابة بالشلل الذي تتضمنه العملية الجراحية المقترحة للمريض ولو كان استثنائي الحدوث, إلا انه بالنظر إلي جسامته كان من المتعين علي أطباء المساعدة العمومية الاستشفائية لباريس إعلام المريض به.
فقد واكب التطورات العلمية الهائلة في مجال علوم الطب والشفاء , استعمال وسائل وتقنيات في غاية الحداثة والخطورة , وهو ما عكس تغيرات نالت من طبيعة العلاقة بين الطبيب والمريض علي نحو لم يصبح فيه الأول يملك الوصاية الطبية علي الثاني , حيث مضي العهد الذي كان يملك فيه الطبيب لتصرف في جسم المريض دون وقيب وحساب , كما ادرك المريض أن ممارسة الطبيب للأعمال الطبية علي جسده بصورة مطلقة في التقدير , يشكل خطورة كبيرة ويرتب أثارا لا يمكن تداركها , ومن هنا نشأ الالتزام بالإعلام والتبصير بمضمون العمل الطبي الذي ينوي الطبيب إنزاله علي جسد المريض وروحة , إذ وبدون هذا التبصير الذي يكشف للمريض نوايا وعيوب الطريق المختار للعلاج , يصبح المريض حقلا للتجارب والأبحاث علي يد الأطباء وهو ما يخلف إخلالا بالالتزام بالتبصير يوجب قيام المسؤولية الطبية .
وقد تباينت الوجهات الفقهية حول مضمون الالتزام بالتبصير – الإعلام – فالبعض فسرة من خلال فعل التبصير بانه إعطاء المريض فكرة معقولة وأمينة عن الموقف الصحي بما يسمح للمريض أن يتخذ قرارة بالقبول أو الرفض, ويكون علي بينه من النتائج المحتملة للعلاج أو الجراحة , وتناوله جانب أخر من حيث سبب فعل التبصير بقولهم بأنه التزام بالإعلام في جوهرة بمثابه التزام بالحوار المتصل بين المريض والطبيب مده العقد الطبي بهدف الحصول علي رضاء مستنير , وعرفه فريق ثالث من حيث النتيجة المترتبة علي الفعل بانه " الوسيلة الضرورة للتأكد من تعاون المريض بالنسبة للتدابير التي ينوي الطبيب اتخاذها في حالة المريض ومن اجل العلاج الذي يقتضي اتباعه , ويقع الطبيب في الخطأ اذا لم يعلن المريض عن المخاطر التي يحتملها العلاج المقترح .
وإعلام المريض بحالته يعتبر الوسيلة الضرورة للتأكد من تعاون المريض بالنسبة للتدابير التي ينوي الطبيب اتخاذها حياله, ومن اجل العلاج الذي يقتضي اتباعه من قبل المريض, فالطبيب يقع في خطأ اذا قصر في إعلام المريض بالمخاطر التي يحتملها العلاج المقرر, إلا أنه يجب ملاحظة أنه علي الطبيب دائما أن يغلف الحقيقة التي يقدمها للمريض بكافة الاحتياطات والا يعلن عن تشخص الحالات ذات الأجل المحتوم إلا بلياقة, ومن الأفضل في مثل تلك الحالات أن يكون الإعلام لذوي المريض حفاظا علي الحالة النفسية للمريض, إلا اذا كان هذا الأخير طلب مسبقا منع البوح بمرضه لاحد أو حدد أشخاص معنين يمكن البوح لهم بحالته . ومع مراعاة واجب الحفاظ علي السر الطبي للمريض.
فالهدف من تبصرة المريض هو ضمان حرية وسلامة إرادة المريض حال قبوله أو رفضه العلاج, فالنظر إلي مضمون الالتزام من خلال فعل التبصير يبرز نوع الالتزام الوفاء وفقا للمتفق عليه في العقد الطبي , والنظر إلي مضمون الالتزام من خلال العلاقة القائمة بسبب الفعل يغلب عليه النظر إلي طبيعة الالتزام من حيث أنه التزام بوسيلة أو نتيجة, والنظر إلي مضمون الالتزام من خلال النتيجة المترتبة علي الفعل يبرز الغاية من هذا الالتزام وهي تحقيق استنارة المريض بما يدفعه إلي التعاون مع تدابير العلاج, وهذه المعاني مجتمعه تؤكد أن الغاية الكلية من التزام الطبيب بتبصرة المريض هي الحصول علي رضا مستنير من المريض.
فيجب علي الطبيب أن يبين للمريض أهمية الموافقة علي إجراء الفحوصات لتشخيص المرض ويبين له ما يترتب عليها من أثار سلبية , وبعد الانتهاء من مرحلة الفحص والتشخيص يجب علي الطبيب قبل مباشرة العلاج تبصير المريض بنوع العلاج أن كان علاجا دوائيا أو جراحيا أو غير ذلك , واذا كانت الأدوية إلي سيصفها للمريض فيها خطورة علي جسمه وجب علية أن يبصره بذلك ويحذره من خطورة مخالفة تناول الدواء من حيث الكمية والوقت والطريقة , واذا كان للعلاج مضاعفات معينه وجب عليه أن يبصره بذلك , واذا كانت هناك عده خيارات للعلاج وجب عليه أن يبصره بهذه الخيارات ومزايا ومخاطر كل منها , وبعد الانتهاء من مرحلة العلاج وجب علي الطبيب أن يبصر مريضة بنتيجة العلاج كما يجب علية أن يبصره باي تدابير أو احتياطات ضرورية لضمان نجاح العلاج وتجنب حصول أيه أثار سلبية .
وفي هذا الشأن قضت محكمة التمييز الفرنسية في حكمها الصادر بجلسة 7 أكتوبر 1997 بانه من المقرر فيما عدا حالة الاستعجال أو الاستحالة أو رفض المريض للإعلام, فان الطبيب يكون ملزما بان يقدم للمريض معلومات أمينه واضحة وملائمة عن المخاطر الجسيمة الملازمة للفحوصات والعلاج المقترح, ولا يعفي الطبيب من هذا الالتزام لمجرد كون هذه المخاطر لا تتحقق إلا بشكل استثنائي, وكان هذا الحكم يتعلق بسيدة خضعت لعملية جراحية بالعمود الفقري, ونتج عن ذلك فقدها البصر بالعين اليسرى , ولم يكن الطبيب اعلمها بهذا الخطر قبل العملية, وفي هذه الدعوي رفضت محكمة الاستئناف دعوي التعويض التي أقامتها السيدة, إلا أن محكمة التمييز ألغت الحكم وأصدرت حكمها المذكور .
ومن أمثله تبصرة المريض: التبصير بالتشخيص : يشمل التشخيص مجموعة من الإعمال ذات الطابع الفني يقوم بها الطبيب لغرض التعرف علي عله المريض, وتجري غالبا – بالإضافة إلي مجموعة الملامسة لمباشرة لجسم المريض – باستعمال وسائل مساعده منها التصوير والتحليل والقاسي والملاحظة, فالتبصير بالتشخيص يستلزم بداية أن يقوم الطبيب بتعريف المريض بالطرق أو الأدوات التي يستعملها حتي يضمن تعاون المريض, ثم اذا انتهي الطبيب إلي التشخيص وضح للمريض بألفاظ أو عبارات موجزة سلسلة طبيعة المرض والعلاج المناسب له, وكذا والأثار التي تترتب علي هذا أو ذاك, ويكفي في التصبير بالتشخيص أن يتم مباشرة بالمشافهة إذ لا يوجب القانون له شكلا معينا وذلك هو حده الأدنى.
ويقع علي الطبيب التزام بتبصرة المريض بمادة العلاج ووسيلته وطريقة وتنفيذه وما يترتب عليه من أثار وخاصة الأثار السلبية لذلك العلاج علي جسم المريض وما يمكن أن يترتب عليه من أضرار جانبية .
كما انتهي الفقه الفرنسي إلي أن هناك حالات يجب الزام الطبيب فيها بالتبصير بالموُسع أو المُشدد, وذلك مثال العمليات الجراحية والتجارب الطبية وعمليات التجميل والإجهاض غير العلاجي, واستقطاع وزراعة الأعضاء البشرية. وتضحي طبيعة التزام الطبيب بالتبصير المشدد مندرجة في وصف الالتزامات بتحقيق نتيجة وليس ببذل عناية .
الخطأ في التبصير :
يكاد يجمع الفقه علي أن نطاق التبصير ينحصر في المخاطر المتوقعة وغير الاستثنائية أما المخاطر والأضرار غير المحتملة والتي تعد استثنائية فلا يشملها التبصير, كون ذلك يعد امرأ مجافيا للمنطق ويتجاوز القدرة الإنسانية المحدودة, وذلك بالنظر للكم الهائل من المخاطر التي لا يكاد يخلو منها أي إجراء طبي, فضلا عن ذلك فان هذا التوجيه تميلة اعتبارات إنسانية ونفسية يمتنع الأطباء بموجبها عن إحاطة المريض علما بالمخاطر الاستثنائية التي يستبعد تحققها, تفاديا لما تثيره في نفسة من رهبة تحول دون تلقيه العلاج أو تحبط معنوياته وأماله في الشفاء علي نحو يقلل قدرته علي مقاومة المرض, كما يقلل من فرصة استفادته من العلاج .
ويضيف أخرون إلي أن الطبيب لا يستطيع تبصره مريضة بها, إذ أن هناك عوامل كثيرة تحول دون التنبؤ بنتائج معينه وماهية الاحتمالات التي من الممكن أن تحصل للمريض, فضلا عن ذلك فان تعدد الأطباء الذين يشرفون علي علاج مريض واحد, كما أن تبصرة المريض بكامل الحقيقة عن حالته المرضية يعد عملا غير أنساني بالنظر إلي الأضرار النفسية والمعنوية التي قد تحيق بالمريض, كما أن التبصير قد يؤدي إلي رفض المريض الخضوع للعلاج ومن ثم لا يجوز ترك صحة المريض لمطلق إرادته .
فيجب علي كل طبيب أن يخصص لكل مريض وقتا كافيا حتي يتسنى له سماع المريض بالتفصيل ولا يغني سماع الطبيب للمريض تفصيلا عن اللجوء إلي احدث الوسائل العملية , كما يجب علي الطبيب أن يجري للمريض فحصا كاملا, ويشكل إهماله إجراء هذه الفحوصات التمهيدية خطأ معاقب علية قانونا, لان هذه الفحوص تظهر حقيقة الأمراض التي يعاني منها المريض واذا كان يعاني فيروسا معديا أو لا, ذلك أن عملية التشخيص تتم علي مرحلتين: الأولي معرفة حقيقة المرض الذي يعانيه المريض واحتوائه والسيطرة علية وعلاج المريض منه, والثانية: اتخاذ الإجراءات والتدابير الوقائية فيما إذا كان المرض معديا, وذلك أن التشخيص فيما إذا كان المرض معديا أم لا وينتقل عن طريق الدم من عدمه فاذا ثبت انه مصاب بمرض معدي وينتقل عن طريق الدم, فان الإجراءات والوقائية تتطلب عناية خاصة بالأدوات التي ستخدمها الطبيب للحيلولة دون إصابة أخرين بنفس المرض.
[٣/١, ١١:٥٨ م] د. وليد سعيد عبدالخالق المحامي: التزامات الطبيب
الالتزام الثاني
الالتزام ببذل عناية
بقلم الدكتور وليد سعيد عبدالخالق المحامي
من مؤلفنا المسئولية الجنائية عن الممارسات الطبية
...................................
يمكن القول بان الإجماع يكاد يكون منعقدا علي أن التزام الطبيب هو التزام ببذل عناية سواء وجد عقد بينه وبين المريض أم لم يوجد, فلا يتعهد الطبيب بشفاء المريض, والالتزام ببذل العناية الملقي علي عاتق الطبيب يقتضي منه أن يضع كافة الوسائل التي يملكها في خدمة المريض وان يقدم إليه افضل ما لدية في سبيل معالجته, فهو – أي الطبيب – لا يلتزم بتحقيق نتيجة معينه, وإنما يلتزم بان يحاول تحقيق تلك النتيجة, وكل اتفاق علي تحقيق نتيجة معينه فهو باطل لمخالفته لأصول مهنة الطب, فالمسألة تتعلق بالمهنة الطبية التي تهدف إلي معالجة المرضي وتحفيف ألآمهم, وليس إلي ضمان الشفاء الذي يبقي مرتبطا بعوامل مختلفة وقد لا يكون من ضمنها عامل العلاج .
فالالتزام الملقي علي عاتق الطبيب يتمثل في بذل العناية متمثلة في الجهود الصادقة اليقظة المتفقه مع الظروف التي يوجد بها المريض ومع الأصول العلمية الثابتة .
وقد قضت محكمة النقض بانه مسؤولية الطبيب عدم قيامها علي التزام بتحقيق غاية , بل التزام ببذل عنايه فنيه معنيه هي التي تقتضيها أصول المهنة التي ينتمي إليها. مناطة ما يقدمه طبيب يقظ من أواسط زملائه علما ودراية في الظروف المحيطة به أثناء ممارسته لعلمة مع معرفة تقاليد المهنة والأصول العلمية الثابتة والمستقرة في علم الطب .
وكذلك قضائها, لما كان واجب الطبيب في بذل العناية مناطة ما يقدمه طبيب يقظ من أواسط زملائه علما ودراية في الظروف المحيطة به أثناء ممارسته لعملة مع مراعاه تقاليد المهنة والأصول العلمية الثابتة , وبصرف النظر عن المسائل التي اختلف فيها أهل هذه المهنة لنفتح باب الاجتهاد فيها فإن إنحراف الطبيب عن أداء هذا الواجب يعد خطأ يستوجب مسئوليته عن الضرر الذي يلحق بالمريض ويفوت عليه فرصه العلاج مادام هذا الخطأ قد تداخل بما يؤدي إلي ارتباطه بالضرر ارتباط السبب بالمسبب , فاذا كان الحكم المطعون فيه قد حصل من الوقائع أن الطاعن (الطبيب) قد أحالتها إلي القسم المختص لفحصها واتخاذ ما يجب في شأنها مما أدي إلي تعجيل وفاتها , واعتبر الحكم هذا التصرف خطأ لا يبرره له ادعاء الطاعن بعدم ضرورة التدخل الجراحي إذ أن هذا الادعاء بفرض صحته لم يكن ليحول دون إحالة المريضة إلي القسم المختص لفحصها وتقرير العلاج اللازم لها وتأخير نقلها من هذا المستشفى إلي الوقت الملائم لحالتها المرضية, فان الحكم يكون قد إلتزام صحيح أحكام القانون.
ويقتصر إلتزام الطبيب علي بذل عناية - وهو ما يتطلب منه- أن يبذل في علاج مريضة , جهودا صادقة يقظه تتفق في غير الظروف الاستثنائية مع الأصول المستقرة في علم الطب , ويؤسس الفقه طبيعة التزام الطبيب واقتصار محله علي بذل عناية , علي فكرة الاحتمال التي تهيمن علي نتيجة مهمته التي تتدخل فيها عوامل عديده لا تخضع لسيطرته , فالطبيب يعالج والله يشفي , ويفضل بعضهم تأسيسا علي الحرية الواسعة التي يتعين الاعتراف بها للطبيب في عملة وهو البحث العلمي الذي لا يعتبر العلاج سوي تطبيق له ويوجب هذا التعليل أو ذلك, قصر الالتزام بالعناية أو اليقظة علي العمل الطبي بمعناه الضيق سواء تشخيصا للمرض أو علاجا له , ولا يمنع من ثم خارج نطاقه, قيام التزامات محدده كما في نقل الدم والتحاليل الطبية والأدوية والأجهزة والأدوات المستخدمة, يكون التزام الطبيب فيها التزام ببذل نتيجة.
فعلي الطبيب أن يبذل العناية اللازمة ليس فقط أثناء العلاج بل في مرحلة التهيئة له, وتلك اللاحقة عليه, وقد ينجح الطبيب أو يفشل, ونجاح العلاج لا يعتبر بالضرورة دليلا علي أن الطبيب قد نفذ العلاج علي افضل وجه, كما أن الوفاه لا تعتبر دليلا علي عدم تنفيذ هذا الالتزام , أما اذا اخل الطبيب بواجبه تجاه مريضة فانه يكون قد ارتكب خطأ فاذا ترتب علي هذا الخطأ ضرر وجبت المسئولية , وخروج الطبيب عن واجبه هنا المقصود منه خروج الطبيب عن السلوك المألوف لطبيب هو من أواسط الأطباء كفاءه وخبرة وتبصر ودقه حتي.
ويتحدد مدي التزام الطبيب بالقواعد المهنية أي تلك التي تفرضها علية مهنته وما جرت علية عادة الأطباء في نفس الظروف , فلا يفرض علي الطبيب التزام محدد بضمان شفاء المريض إذ يتوقف ذلك علي عوامل واعتبارات تخرج عن إرادة الطبيب كمناعة الجسم وحالته وحدود التقدم الطبي , فالطبيب لا يلتزم بمنع المرض من التطور إلي حالة أسوأ أو إلا يتخلف عند المريض عاهة أو إلا يموت , إذ كل هذا يخرج عن سلطانة.
ويدخل في تحديد مدي التزام الطبيب أن تكون الجهود المبذولة متفقة مع الأصول العلمية الثابتة , إذ لا يعقل استعماله لوسائل طبية بدائية تخالف التطور العلمي الحديث, فهو وان كان لا يلتزم باتباع تلك الوسائل إلا انه ينبغي عليه الالتجاء إلي تلك التي استقر عليها الطب الحديث, وله الاجتهاد في اختيار انسب الوسائل حسب حالة المريض والإمكانيات المتاحة وتطويعها بحيث تتفق وظروفه الخاصة .
وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض " أن مسئولية الطبيب لا تقوم في الأصل علي أن يلتزم بتحقيق غاية هي شفاء المريض وإنما يلتزم ببذل عناية فنية معينه هي التي تقتضيها أصول المهنة التي ينتمي إليها فواجبة في بذل هذه العناية مناطة ما يقدمه طبيب يقظ من أواسط زملائه علما ودراية في الظروف المحيطة به أثناء ممارسته لعمله مع مراعاة تقاليد المهنة والأصول العلمية الثابتة والمستقرة في علم الطب , أن الطبيب يسأل عن خطئة في العلاج أن كان ظاهرا لا يحتمل نقاشا فنيا تختلف فيه الآراء أن وجدت مسائل علمية يتجادل فيها الأطباء ويختلفون عليها ورأي الطبيب اتباع نظرية أو طريقة قال بها العلماء ولو لم يستقر عليها فاتبعها فلا لوم عليه وليس للقضاء أن يتدخل فيها برأي شخصي يرجح مذهبا علي مذهب بل علية أن يتفادى النظر في المناقشات الفنية عند تقرير مسئولية الأطباء إذا أن مهمته ليست المفاضلة بين طرق العلاج المختلف عليها بل قاصره علي التثبت من خطأ الطبيب المعالج والثابت ثبوتا ظاهرا وقاطعا إذ من مصلحة الإنسان أن يترك باب الاجتهاد مفتوحا أمام الطبيب حتي يتمكن من القيام بمهمته العالية من حيث خدمة المريض وتخفيف الآمة وهو امن مطمئن لا يسأل إلا إذا ثبت ثبوتا يقينيا ظاهرا بصفه قاطعة لا احتماليه انه ارتكب عيبا لا يأتيه من له إلمام بالفن الطبي إلا عن رعونه وعدم تبصر .
وقضت محكمة النقض الفرنسية بأن " التزام الطبيب ليس بشفاء المريض, ولكن بتقديم العلاج باليقظة والحذر والمتفق مع المعطيات, العملية المكتسبة, وان خرق هذا الالتزام التعاقدي ولو بطريقة غير عمدية يترتب عنه قيام مسؤولية .
وكذلك قضائها أن طبيب أمراض النساء مرتبط بضمان المراقبة بعد العملية الجراحية التي خضعت لها المريضة خاصة للتحقق من تطور النزيف الذي تطلب إخضاعها لهذه العملية
كما قضت محكمة النقض الفرنسي بتاريخ 30 سبتمبر 2010 بان " ... الغلط في التشخيص لا يشكل خطأ بما أن الطبيب الذي لا يلتزم إلا بنذل عناية , تصرف طبقا للمعطيات العملية المكتسبة , الأمر لا يعد مرتكبا لخطأ الطبيب الذي لم يستطيع وضع تشخيص دقيق اذا كانت الأعراض تجعل هذا التشخيص صعب التحقيق خاصة .
وكذلك قولها أن العقد الذي تم بين الطبيب والمريض يوجب علي الأول أن لم يكن بطبيعة الحال التزام بشفاء المريض فعلي الأقل بأن يبذل عناية لا من أي نوع كان , بل جهودا صادقة يقظه متفقة مع الظروف التي يوجد بها المريض وع الأصول العلمية الثابتة .
وقضائها حق كل شخص في تلقي العلاج الأكثر ملائمة لسنه وحالته, الموافقة للمعطيات العلمية المكتسبة, والتي لا تعرضه لأخطار غير متناسبة مقارنة بالفائدة المرجوة.
كما قضت محكمة مصراته الليبية " انه من المقرر قضاء أن الطبيب وان كان لا يلتزم بمقتضي العقد الذي ينعقد بينه وبين مريضة, بشفائه أو بنجاح العملية التي يجيرها له, لان التزام الطبيب ليس التزاما بتحقيق نتيجة, وإنما هو التزام ببذل عناية إلا أن العناية المطلوبة منه تقتضي أن يبذل لمريضة جهودا صادقة يقظة تتفق مع الأصول المستقرة في علم الطب.
وكما ما قضت محكمة استئناف بيروت أن الطبيب يلتزم تجاه مريضة ببذل العناية الطبية التي تشترطها أصول مهنته ومقتضيات فنه, فلا يلتزم تأمين الشفاء لها كاملا وحتما فيما يجريه من فحص أو عملية, وإنما يأخذ علي عاتقة حالة مريضة في الظرف الذي وجد فيه ومراعيا في عملة القواعد الطبية الحديثة المستقرة في اختصاصه.
وقضت محكمة استئناف تونس " تختلف طبيعة التزام الطبيب تجاه المريض بحسب مضمون العقد المبرم بينهما فهو التزام ببذل العناية إذا ما تعلق الأمر بالعلاج في حدا ذاته باعتبار عمل الطبيب يتضمن في هذا الخصوص دائما جانبا من الافتراض .
وكذلك قضت محكمة تمييز دبي بانة من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الطبيب وان كان لا يلتزم بمقتضي العقد الذي ينعقد بينه وبين مريضة, بشفائه أو بنجاح العملية التي يجريها له, لان التزام الطبيب ليس التزام بتحقيق نتيجة, وإنما هو التزام ببذل عناية, إلا أن العناية المطلوبة منه تقتضي أن يبذل لمريضة جهودا صادقة يقظة تتفق – في غير الظروف الاستثنائية – مع الأصول المستقرة في الطب, فيسأل الطبيب عن كل تقصير في مسلكة الطبي لا يقع من طبيب يقظ في مستواه المهني وجد في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت بالطبيب المسؤول .
وكذلك قضاء المحكمة الاتحادية الإمارتية " تقوم مسؤولية الطبيب علي تقصيره في بذل العناية المعتادة في سبيل شفاء المريض وفقا لتقاليد المهنة وأصولها العلمية , وان استخلاص الخطأ يخضع لتقدير محكمة الموضوع .
كما قضت محكمة التمييز القطرية : بان التزام الطبيب في علاج مرضاه ليس التزاما بتحقيق غاية وإنما هو التزام ببذل عناية, ومع ذلك فهو يسأل عن خطئة الفني مهما كان يسيرا إذا لحق المريض بسببه ضررا , وذلك انه يتعين إقامة التوازن بين حاجة الأطباء إلي الطمأنينة والثقة والحرية في مزاولة أعمالهم وبين حاجة المريض إلي الحماية من أخطائهم وحقة في التعويض عن الأضرار التي تسببها وهو ما يستوجب ثبوت مسئولية الطبيب عن خطئة المهني بصفه أكيدة واضحة ومخالفته في سلوكه عن جهل أو تهاون أصول الفن الطبي الثابتة وقواعده الأساسية التي لا مجال فيها للجدل أو الخلاف.
وفي عمان قضت المحكمة العليا بتاريخ 16/6/2004 بان التزام الطبيب هو التزام ببذل عناية أي بذل الجهد الطبي الصادق لعلاج المريض مع مراعاة الأصول الفنية لمهنة الطب وليس التزاما بتحقيق غاية وهي شفاء المريض.
كما قضت محكمة التمييز الأردنية بقولها " الثابت بالبينة الفنية أن نتائج المداخلة الجراحية ومعالجة الطفل ليست مضمونة النتائج نظرا لطبيعة حالته المرضية غير المستقرة , وما يصاحبها من تطور التشوهات وحدوث المضاعفات وحيث أن البينة تشير إلي أن المدعي علية قد بذل عناية عادية في معالجة الطفل ... الذي خرج معافي من المستشفى, وان المضاعفات التي حصلت معه بعد ذلك كانت نتيجة لحالته المزرية, فانه لا يعد مسؤولا عن ضمان تلك المضاعفات وتبعا لذلك تغدوا دعواها حقيقه بالرد سيما وان البينة الفنية قطعت بعدم وجود أخطاء طبية .
كما قضت محكمة التمييز الكويتية " وان كانت المسؤولية الطبية لا تختلف عن المسؤولية العادية من حيث درجة الخطأ المتطلبة في كليهما إلا أنها تختلف عنها بسبب طبيعة التزامات الطبيب ومداها, وهذه الالتزامات تتحدد بحالة العلم والقواعد المعترف بها في الفن الطبي المتطور دائما , والذي مازال مع ذلك محاطا بالفحص ومثيرا للجدل وهي التزامات ببذل عناية وان علي القاضي تقدير الخطأ المسند للطبيب بمعياره القانوني الواجب دون ما حاجة إلي الخوض في النظريات العلمية المتباينة أو الأساليب المختلف عليها وذلك علي أساس أن العناية المطلوبة منه تقتضي بذل الجهود الصادقة اليقظة لمريضة والتي تتفق في غير الظروف الاستثنائية مع الأصول المستقرة .
وقضت محكمة النقض المصرية بان مسئولية الطبيب لا تقوم, في الأصل , على أنه يلتزم بتحقيق غاية هي شفاء المريض وإنما يلتزم ببذل العناية الصادقة في سبيل شفائه, ولما كان واجب الطبيب في بذل العناية مناطه ما يقدمه طبيب يقظ من أوسط زملائه علماً ودراية في الظروف المحيطة به أثناء ممارسته لعلمه مع مراعاة تقاليد المهنة والأصول العلمية الثابتة وبصرف النظر عن المسائل التي اختلف فيها أهل هذه المهنة لينفتح باب الإجتهاد فيها ، فإن إنحراف الطبيب عن أداء هذا الواجب يعد خطأ يستوجب مسئوليته عن الضرر الذى يلحق بالمريض ويفوت عليه فرصة العلاج مادام هذا الخطأ قد تداخل بما يؤدى إلى إرتباطه بالضرر إرتباط السبب بالمسبب ، فإذا كان الحكم المطعون فيه قد حصل من الواقع أن الطاعن ـ طبيب ـ قد أمر بنقل مريضة من مستشفى إلى آخر ، وهى على وشك الوفاة وقبل إحالتها إلى القسم المختص لفحصها وإتخاذ ما يجب بشأنها مما أدى إلى التعجيل في وفاتها، وأعتبر الحكم هذا التصرف خطأ لا يبرره له إدعاء الطاعن بعدم ضرورة التدخل الجراحي إذ أن هذا الادعاء ـ بفرض صحته ـ لم يكن ليحول دون إحالة المريضة إلى القسم المختص لفحصها وتقرير العلاج اللازم لها وتأخير نقلها من هذا المستشفى إلى الوقت الملائم لحالتها المرضية ، فإن الحكم يكون قد إلتزام صحيح القانون .
وكذلك قضائها بأن التزام الطبيب وعلي ما جري به قضاء محكمة النقض ليس التزاما بتحقيق نتيجة هي شفاء المريض, وإنما هو التزام ببذل عناية, إلا أن هذه العناية المطلوبة به تقتضي أن يبذل لمريضة جهودا صادقة يقظة تتفق في غير الظروف الاستثنائية مع الأصول المستقرة في علم الطب, فيسأل الطبيب عن كل تقصير في مسلكة الطبي, لا يقع من طبيب يقظ في مستواه المهني وجد في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت بالطبيب المسؤول كما يسأل عن خطئة العادي أيا كانت درجة جسامته .
الالتزام الاستثنائي بتحقيق نتيجته
إذ كان الأصل العام كما بينا في المطلب السابق هو التزام الطبيب ببذل العناية فقط وانه غير ملتزم من حيث الأصل بتحقيق النتيجة التي يرنوا إليها المريض وهي الشفاء , إلا أنه مع تطور العلوم الطبية هذا التطور المذهل ودخول التكنولوجيا بقوة في المجال الطبي وفرض سيطرتها علية , ظهرت أعمال طبية لا يكفي فيها الالتزام ببذل العناية بل تقوم تلك الأعمال في أساسها علي الالتزام بتحقيق النتيجة التي يرنوا إليها المريض ......
** ومن الأمثلة التي يلتزم فيها الطبيب ببذل النتيجة :
1- حالات نقل الدم : فالطبيب مطالب بان يكون الدم متفقا من حيث الفصيلة مع فصيلة دم المريض حتي لا يصاب المريض بأضرار جسيمة نتيجة نقل فصيلة دم مختلفة, وان يكون الدم خاليا من التلوث الجرثومي وغير فاسد حتي لا تنتقل العدوي للمريض ونضيف إليه علة جديدة هو في غني عنها.
2- التحاليل الطبية : وفيها يلتزم الطبيب بتحقيق نتيجة هي مصداقية التحاليل وصحة نتائجها حيث أن الخطأ من نتائج التحليل يؤدي إلي أخطاء متتالية من حيث التشخيص والعلاج والتدخل الجراحي .
3- استخدام الأجهزة الطبية المساعدة : فالطبيب ملتزم بسلامة المريض من الأضرار المستقلة التي قد تحدث من هذه الأجهزة والمستقلة عن المرض الأصلي, لذلك يقع علي الطبيب استخدام أجهزة سليمة خالية من العيوب .
4- في مجال الأجهزة التعويضية مثل الأطراف الصناعية والأسنان فالتزام الطبيب في تركيب تلك الأطراف للمريض هو التزام بتحقيق نتيجة قوامها ضمان سلامة تلك الأجهزة التعويضية وملائمتها من حيث المواصفات والمقاسات مع حالة المريض والتزام الطبيب هنا بلا شك التزام بتحقيق نتيجة.
5- جراحات التجميل : سواء كانت لأسباب تحسين الشكل أو لأسباب علاجية فالفقه يكاد يجمع علي أن التزام الطبيب في هذا النوع من الجراحات هو تحقيق نتيجة .
فاذا كان التزام الطبيب بوجه عام هو الالتزام ببذل العناية فقط دون الالتزام بتحقق نتيجة معينه , فالأمر بالنسبة لجراحات التجميل مختلف فالالتزام فيها يكون بتحقيق النتيجة المتفق عليها ويسأل الجراح عن عدم تحقيقها , فاذا ثبت وجود خطأ من جانبه أصاب المجني علية بأذى جسماني أو أودي بحياته حقت مسئولية الطبيب.
وتجدر الملاحظة أن الرأي المستقر عليه حاليا فقها وقضاء – كما سنري في الصفحات المتقدمة من هذا الكتاب- أن التزامات الطبيب في جراحات التجميل اصبح التزام ببذل عناية خاصة وليس التزام ببذل نتيجة .
6- الالتزام بالسلامة من العدوي : إذا كان الأصل هو التزام الطبيب ببذل العناية المطلوبة نظرا لفكرة الاحتمال التي تسيطر علي مهامه والتي تتدخل فيها عده عوامل تخرج عن مجال تحكمه , فانه توجد في المقابل التزامات أخري تقع علي عاتق الطبيب والتي يكون تنفيذها لا مجال فيه الفكرة الاحتمال التي تبرر تقصير التزام الطبيب علي مجرد العناية , وان هذا الالتزامات تعتبر استثناء يقع علي عاتق الطبيب التزاما محددا هو الالتزام بتحقيق نتيجة تتمثل في سلامة المريض , والالتزام بالسلامة هنا لا يعني الالتزام بشفاء المريض , بل بالا يعرضه لأي أذي من جراء الأدوات والأجهزة التي يستعملها أو من الأدوية التي يصفها له , وان لا ينقل إليه العدوي.
فقضت محكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر بتاريخ 22 نوفمبر 1994 بانه: اذا كان جراح الأسنان يلتزم – من حيث المبدأ – ببذل عناية فيما يخص أعمال العلاج التي يقوم بها , إلا انه يأخذ علي عاتقة التزام بتحقيق نتيجة باعتباره ملتزما بتوريد ما- متمثل في الأنسجة التي يزرعها للمريض – خال من العيوب .
كما قضت المحاكم الفرنسية اذا كان محل الالتزام جراح الأسنان يقتصر علي مجرد بذل عناية فانه يتحمل بالتزامه محل تحقيق نتيجة , إذ بصفته موردا للمواد المستخدمة في الترميم أو الزرع فانه يلتزم بتوريد جهاز خال من العيوب .
وكذلك قضت محكمة النقض الفرنسية بانه يقع علي عاتق مؤسسات العلاج التزام بالسلامة محلة تحقيق نتيجة , مع الأخذ بكل الإجراءات المفيدة من اجل التيقن من سلامة المنتجات الدموية الموردة والمحقونة .
وحكمت محكمة النقض في اكثر من مناسبة علي انه يقع علي عاتق المؤسسات العلاجية وكذا الأطباء التزام بسلامة المريض من العدوي وان هذا الالتزام لا يقتصر علي بذل العناية بل هو التزام بتحقيق نتيجة قوامها هي السلامة للمريض ومن ذلك قولها " بان عقد الاستشفاء والعلاج المبرم ما بين المريض والمؤسسة الصحية يضع علي عاتق هذه الأخيرة فيما يتعلق بالعدوي التزام بضمان السلامة, محله تحقيق نتيجة وليس لها أن تتحل منه إلا بإثبات السبب الأجنبي " وكذلك قولها " أن الطبيب يتحمل في مواجهة المريض , فيما يتعلق بالعدوي بالتزام بالسلامة محلة تحقيق نتيجة ولا يستطيع أن يتحلل منه إلا بإثبات السبب الأجنبي".
كما قررت محكمة النقض الفرنسية الدائرة المدنية بتاريخ 4 فبراير 2003 بان الطبيب لا يتحمل التزام بتحقيق نتيجة إلا فيما يتعلق بالأدوات المستعملة لتنفيذ العمل المتعلق بالفحص والعلاج , تحت طائلة إثبات المريض أنها سبب الأضرار اللاحقة به .
وكذلك قضائها بجلسة 17 مارس 2011 بان العقد المشكل بين المريض وطبيبة يضع علي عاتق هذا الأخير التزام بالسلامة محلة تحقيق نتيجة فيما يتعلق بالأجهزة التي يستعملها في تنفيذ العمل الطبي المتعلق بالفحص أو العلاج .